بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله
بينما أنا أكتب في نص من النصوص إذا بي أجد بين مذكراتي هذه المادة
فأحببت أن أنقلها في المنتدى ليعم بها النفع و لأذكر بها نفسي و إخواني
و لقد كتبت هذه المادة بتاريخ : الإثنين 12 محرم 1426 ه
وهي عبارة عن شريط فرغته و هو للشيخ صالح آل الشيخ و قد كان عنوان الشريط "الضوابط الشرعية لموقف المسلم من الفتن " و الله أرجو أن تكون نفعالملقيها و كاتبها و قارءوها .
قالشيخنا المتبحر في العلم غفر الله له و لوالديه و نفع به صالح آل الشيخ : "قال الله جل و على ( أدع إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة و جادلهمبالتي هي أحسن .......) الآية .
قالالفلوسي رحمه الله تعالى : أن الآية فسرت بأشياء و منها المداهنة في الأمربالمعروف و النهي عن المنكر و منها التفرق و الإختلاف و منها
تركالبدع إذا ظهر منها شيء و منها أشياء غبر ذلك،قال "و لكل معنى حسبمايقتضيه الحال " ........و لذلك علينا بلزوم الاعتناء بالعلم الصالح
..........فإن التزمنا الضوابط الشرعية و القواعد المرعية و اقتفونا أثرها فعند ذلكسوف يحصل لنا من الخيرات ما لا يعلمه إلا الله .......
الضابط و ما تعريفه : الضابط في المسألة هو ما به نعرف ما تحكم به مسائل الباب الواحد و ترجع إليه مسائل الباب الواحد .
و أما القاعدة : فهي أمر كلي ترجع إليه المسائل في الأبواب المختلفة و لهذا كان لزاما علينا أن نأخذ بتلك الضوابط و القواعد ....
الثاني أن يكون مأخذها من السنة العملية المرعية التي عمل بها صحابة رسول الله صلى الله عليه و سلم في الفتن .
فمن سار خلف مهتد و وافق ما دلت عليه الأدلة فطوبى له في سيره ...
منتلك الضوابط و القواعد أمر مهم و هو أنه إذا ظهرت الفتن أو تغيرت الأحوالفعليك بالرفق و التأني و الحلم و أن لا تعجل هذه قاعدة مهمة .
عليك بالرفق و عليك بالتأني و عليك بالحلم ثلاثة أمور
أماالأمر الأول و هو الرفق فإن النبي صلى الله عليه و سلم قال فيما ثبت عنهفي الصحيح " إنه ما كان الرفق في شيء إلا زانه و لا نزع من شيء إلا شانه "
قالأهل العلم : قوله "ما كان في شيء إلا زانه " هذه كلمة شيء نكرة أتت فيسياق النفي و الأصل يقضي بأنها تعم جميع الأشياء " يعني أن الرفق محمود فيالأمر كله و هذا قد جاء في الصحيح عن النبي صلى الله عليه و سلم " إن اللهيحب الرفق في الأمر كله " قاله عليه الصلاة و السلام لعائشة الصديقة بنتالصديق و بوب عليه البخاري في الصحيح قال – باب – الرفق في الأمر كله – فيكل أمر عليك بالرفق و عليك بالتؤدة
ولا تكن غضوبا لا تكن غير مترفق فالرفق لن تندم عليه أبدا .....و لا تكن معالمتعجلين إذا تعجلوا و لا مع المتسرعين إذا تسرعوا ....يقول المصطفى صلىالله عليه و سلم يقول لرجل " إن فيك لخصلتين يحبهما الله و رسوله الحلم والأناة " ... لهذا يقول الله جل و على ( يدعو الإنسان بالشر دعائه بالخيروكان الإنسان عجولا ) قال أهل العلم : إن هذا فيه للإنسان ذم لأنه كانعجولا ...ثم الخصلة الثالثة الحلم و الحلم في الفتن و عند تقلب الأحوالمحمود أيما حمد و مثنا عليه أيما ثناء لأنه بالحلم يمكن رؤية الأشياء علىحقيقتها و يمكن بالحلم أن نبصر الأمور على ما هي عليه و لهذا ثبت في صحيحمسلم من حديث الليث بن سعد عن موسى بن عُلي عن أبيه أن المستورد القرشيقال و كان عنده عمرو بن العاص رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى اللهعليه و سلم يقول " تقوم الساعة و الروم أكثر الناس " قال عمرو بن العاص لهللمستورد القرشي قال : أبصر ما تقول قال : وما لي أن لا أقول ما قاله رسولالله صلى الله عليه و سلم قال : إن كان كذلك فإن في الروم خصالا أربعالأولى أنهم أحلم الناس عند فتنة الثانية أنهم أسرع الناس إفاقة بعد مصيبة" و عد الخصال الأربع و زاد عليها خامسة " .
قالأهل العلم هذا الكلام من عمرو بن العاص لا يريد به أن يثني على الروم والنصارى الكفرة و لكن ليبين للمسلمين أن بقاء الروم و كونهم أكثر الناسإلى أن تقوم الساعة لأنهم عند حدوث الفتنة هم أحلم الناس
ففيهم من الحلم ما يجعلهم ينظرون إلى الأمور و يعالجونها لأجل أن لا تذهب أنفسهم . هذا قاله السنوسي .
الثانيأنه إذا ظهرت الفتن و تغيرت الأحوال فلا تحكم على شيء من تلك الفتن أو منتلك الحال إلا بعد تصوره رعاية للقاعدة " الحكم على الشيء فرع من تصوره "و هذه القاعدة رعاها العقلاء جميعا قبل الإسلام و بعد الإسلام و دليلهاالشرعي عندنا في كتاب الله جل و على ( و لا تقفوا ما ليس لك به علم ) يعنيأن الأمر الذي لا تعلمه و لا تتصوره و لا تكون على بينة منه فإياك أنتتكلم فيه أو أن تكون فيه قائدا أو أن تكون فيه حكما " الحكم على الشيءفرع من تصوره " و هذه القاعدة أنتم تستعملونها في أموركم العادية و فيأحوالكم المختلفة
العقللا بد له من رعاية تلك القاعدة و لا يصح تصرف ما إلا بأن يرعى تلك القاعدةلأنه إن لم يرعى تلك القاعدة فسوف يخطئ و لا شك و الشرع قررها أيما تقريرو بين تلك القاعدة أيما بيان فمن ذلك أضرب أمثلة لكي تتضح تلكالقاعدة،فمثلا لو سألت واحدا منكم وقلت له ما حكم الإسلام في بيع المرابحةقد يأتي و يقول قائل الربح مطلوب الربح لا شيء فيه في الشرع فلا بأس فيبيع المرابحة فيكون حكمه على هذه المسألة غلط صرف لأنه لم يتصور المراد منقول القائل ما حكم الإسلام في بيع المرابحة و ضن أن المرابحة هو الربح فيالبيع و لأجل تصوره الذي غلط فيه أخطأ في الحكم الشرعي،و الحكم الشرعي لابد أن ينبني على تصور صحيح و المرابحة نوع من البيع الذي لا يجوز تستعملهبعض البنوك الإسلامية و غير الإسلامية تحايلا على الربا و صورته أنه مبنيعلى توكيل للغير و بعد التوكيل يكون هناك إلزام بالوعد إلزام بالوفاءبالوعد،فالوعد الذي وعده الموكل لوكيله هو ملزم بالوفاء فيه و هذا لا يجوزفي الشرع فكان بيع المرابحة غير جائز
أنتعلم حكم الله و حكم رسوله صلى الله عليه وسلم في هذه المسألة بعينها لافي المسألة التي تشابهها،و إذا ثبت ذلك فها هنا سؤال مهم يقول أحدكم كيفيحدث لي هذا التصور كيف أتصور هذه المسألة و ممن أتصورها
فإنالمسائل مشتبهة و متشابهة و بعضها يشكل و بعضها لقد لا أجد من يبينها لي ويصورها لي التصوير الصحيح،أنا أقول التصور الذي ينبني عليه الحكم الشرعيهو ما كان أولا من المستفتي فإن المستفتي هو الواقع في المسألة ،إذا سأل وإذا شرح مسألته وصل التصور،فالمفتي يبين له الحكم على وصف استفتائه .
ثانيايمكن حدوث التصور و يكون التصور بنقل العدول الثقاة من المسلمين الذين لاتشوب نقلهم شائبة تجعلهم يخطأون في النقل و من ثم نخطأ في الحكم على الشيءلا بد من نقل عدل ثقة في المسألة ...فالحكم الشرعي يبنى على المسلم العدلالثقة فأحاديث رسول الله صلى الله عليه و سلم لا تقبل ممن يأتي بها إلاإذا كان الإسناد بنقل عدول ضابطين عن مثلهم إلى منتهاهم إذا كان فيالإسناد فاسق فإنه قد انخرمت مروءته،إذا كان في الإسناد من ليس بضابط (منيأتي بشيء و يخلطه بشيء آخر )
فإنه لا يقبل و لا ينبني على ذلك الحديث حكم شرعي ...و لهذا لا بد من رعاية هذه المسألة .
الثالثمن تلك الضوابط و القواعد أن يلزم المسلم الإنصاف و العدل في أمره كلهيقول الله جل و على ( و إذا قلتم فاعدلوا و لو كان ذا قربى )
و يقول جل و على (و لا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا إعدلوا هو أقرب للتقوى ) وقد بُينت هذه المسألة بيانا شافيا كافيا .
هذا ما تيسر و سبحانك اللهم و بحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك و نتوب إليك