البَتُول عضو Vip
عدد المساهمات : 69 تاريخ التسجيل : 18/08/2010 النقاط : 52277 العمر : 32
| موضوع: العيد في بيت النبوة السبت نوفمبر 20, 2010 10:14 am | |
| السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
في يوم بهيج من أيام المدينة النبوية... وفي صباحعيد سعيد.. كان البيت النبوي وما حوله يشهد مظاهر الاحتفال بالعيد، علىمرأى وعلم من سيد البشر محمد عليه الصلاة والسلام، حيث كان الجميع يعبّرعن فرحته بالعيد، ويحرص أن تكون احتفاليته تلك بمشهد من النبي الكريم،حباً وشوقاً وتكريماً له عليه الصلاة والسلام.
أما في داره الشريفة فتحدثنا عن ذلك عائشةأم المؤمنين رضي الله عنها فتقول: دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلموعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث فاضطجع على الفراش وحوّل وجهه، ودخلأبوبكر فانتهرني، وقال مزمارة الشيطان عند النبي صلى الله عليه وسلم فأقبلعليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "دعهما" فلما غفل غمزتهمافخرجتا.
وغير بعيد من الحجرة الشريفة كانت هنالكاحتفالية أخرى تحدث عنها عائشة متممة لسياق حديثها المتقدم فتقول: وكانيوم عيد يلعب السودان بالدرق والحراب، فإما سألت النبي صلى الله عليه وسلموإما قال: "تشتهين تنظرين"؟ فقلت: نعم، فأقامني وراءه، خدي على خده، وهويقول: "دونكم يا بني أرفده" (لقب للحبشة) حتى إذا مللت قال: "حسبك" قلت:نعم، قال: "فاذهبي" رواه البخاري ومسلم في كتاب العيدين من صحيحهما واللفظللبخاري.
وفي موضع آخر قريب من الحجرة النبوية تنشأاحتفالية بهيجة بالعيد تولى شأنها عدد من الأطفال في أناشيد رائقة وبديعةفي مدح النبي عليه الصلاة والسلام. تقولعائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً فسمعنا لغطاً وصوت صبيان!فقام رسول اله صلى الله عليه وسلم؛ فإذا حبشية تزفن (تتمايل وتلعب)والصبيان حولها، فقال: "يا عائشة تعالي فانظري" فجئت فوضعت لحيي على منكبرسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعلت أنظر إليها ما بين المنكب إلى رأسه،فقال لي: "أما شبعت؟ أما شبعت؟" قالت: فجعلت أقول: لا؛ لأنظر منزلتي عنده،إذ طلع عمر، قالت: فارفض الناس عنها، قالت: فقال رسول الله صلى الله عليهوسلم: إني لأنظر إلى شياطين الإنس والجن قد فروا من عمر" قالت: فرجعت.رواه الترمذي.
وعندما نحاول معرفة طرف من تلك الأناشيدوكلماته فإنها كانت بلغاتهم، حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستفهمعن معانيها، ففي المسند وصحيح ابن حبان عن أنس بن مالك أن الحبشة كانوايزفنون بين يدي رسول الله صلى عليه وسلم ويتكلمون بكلام لا يفهمه، فقالرسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما يقولون"؟ قالوا: يقولون محمد عبد صالح. استنبط العلماء مما تقدم فوائد عديد منها:
مشروعية التوسعة على العيال في أيامالأعياد بأنواع ما يحصل لهم بسط النفس وترويح البدن، وإذا كان الشخص بسببكبره أو مكانته ووقاره لا يميل إلى الترويح والترفيه وهذا لائق به، إلا أنالآخرين وخاصة الأهل والأولاد ومن هم في مقتبل العمر يحبون ذلك ويميلونإليه، فينبغي أن يمكنوا من هذه الرغبة الفطرية في إطار ما أباحته الشريعة.
وفيه إن اظهار السرور في الأعياد من شعار الدين، ولذلكلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم غناء الجاريتين الصغيرتين لم يمنعهما بلأقرهما، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم لما سمع أبابكر يريد منعهما قال:"دعهما" وفي رواية أخرى قال: "يا أبا بكر، إن لكل قوم عيداً، وهذا عيدنا"وفي رواية في المسند انه صلى الله عليه وسلم قال يومئذ: "لتعلم اليهود انفي ديننا فسحة، إني أرسلت بحنيفية سمحة".
وفيه الرفق بالمرأة واستجلاب مودتها، فإنها مجبولة علىالمشاعر المرهفة والعواطف الرقيقة، ويحصل ذلك بتلبية رغباتها الفطريةومطالبها الاعتيادية ما دامت مباحة، وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلمأروع الأمثلة في هذا الباب وبيوته الكريمة زاخرة بمظاهر الاحسان والتوددوالوفاء لأمهات المؤمنين. وفي مشهد التقارب والتآلف الذي وصفته أمالمؤمنين "خدي على خده" وما يتضمنه من التلاحم الوجداني والتواصل الروحيما يؤكد ان العيد فرصة للملمة ما لعله يكون تبعثر من أجزاء الصورة الزاهيةلبيت الزوجية.
في وقوف المصطفى صلى الله عليه وسلم مععائشة وهو من يعرف عظيم قدره وجلال شأنه وضخامة مسؤولياته من أجل لهوعائشة وترويحها عن نفسها درس للآباء والاخوة والأزواج من أجل تحقيق هذاالتوجه لدى الفتيات، ولذا كانت عائشة تقول: فاقدروا قدر الجارية الحديثةالسن الحريصة على اللهو. أي: قدروا رغبتنا في ذلك إلى أن تنتهي الواحدةمنا وتقضي نهمتها من ذلك. وقد وجد بالاستقراء ان التحجير على الأهلوالذرية ومنعهم من نيل حاجاتهم من الترفيه والترويح يرجع بنتائج عكسيةوبخاصة في المجال النفسي والاجتماعي.
إن انشغال الشخص باللهو والترفيه لا ينبغي أن ينسيهالمنهج الشرعي والتربوي الذي ينبغي التحلي به، فاللهو والفرح لا يبررارتكاب المحرمات ولا الاخلال بالواجبات ولا التسبب في أذى أحد من الناس،وهذا ما تلمح إليه السيدة عائشة في قولها: كان الحبش يلعبون بحرابهمفسترني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أنظر.. وتوضحه أيضاً بوصفهاللجاريتين بأنهما صغيرتان ولم يكن الغناء لهما بعادة، إنما هو نشيدوأهازيج سامحت به الشريعة لتوافق المناسبة. العيدفي الإسلام شعيرة سامية متكاملة وموفية لحاجات الروح والجسد، فالعيد يأتيمتوجاً لشعائر عظيمة جليلة مما شرعه الله في رمضان وأشهر الحج من أنواعالعبادات العظيمة، فتلك مبتغيات الروح (قل بفضل الله وبرحمته فبذلكفليفرحوا) "يونس: 58". وأما الحاجاتالجسدية والميول النفسية المندفعة نحو اللهو والترفيه واللعب ففي العيدالإسلامي ما يوفي ذلك، ولذا حرم في الإسلام صيام أيام العيد، إذ لا بهجةكاملة لمن وافى العيد وهو صائم لا يطعم ولا يشرب. ومما يومئ لتحقيق هذهالمقاصد ما ثبت عن أنس رضي الله عنه قال: قدم رسول الله صلى الله عليهوسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: "قد أبدلكم الله خيراًمنهما: يوم الأضحى ويوم الفطر"، رواه أبو داؤد والنسائي. قال ابن جرير فيذكر أحداث السنة الثانية من الهجرة: "وفيها صلى النبي صلى الله عليه وسلمصلاة العيد، وخرج بالناس إلى المصلى، فكانت أول صلاة عيد صلاها. وبهذاباتت الأمة الإسلامية مستغنية بكمال شرعتها وتمام نعمتها، قال اللهسبحانه: (ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعةومنهاجاً)، "المائدة: 48". لقد كانت الحياةالنبوية الشريفية بكل أيامها ولحظاتها أيام عيد ولحظات ابتهاج وسرور لكلما يخالطه صلى الله عليه وسلم ويجالسه ويهتدي بنور شرعته، ولذا كانت مجالسالمصطفى صلى الله عليه وسلم محفوفة بالواردين على اختلاف أجناسهموأعمارهم: وفود وسادة، جماعات وقادة، نساء يتعلمن ويستفتين، وشيوخ وأطفال،كل أولئك نالوا نصيبهم من تلك النعمة المهداة. ولسوفتبقى هذه النعمة متاحة للبشرية جمعاء إلى قيام الساعة، وإنما يغنم ويربحمن سار على النهج النبوي الشريف واقتفى هديه وسنته، قال الله تعالى: (لقدمن الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آياتهويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين)، "آلعمران: 164".
أسأل الله للجميع الحياة الطيبة في الدنيا والآخرة، وصلى الله وسلم على نبينا محمد..
د. خالد بن عبدالرحمن الشايع | |
|
سر الوجود إدارية
عدد المساهمات : 407 تاريخ التسجيل : 20/07/2010 النقاط : 53274
| موضوع: رد: العيد في بيت النبوة الثلاثاء نوفمبر 23, 2010 4:26 pm | |
| | |
|
مشتاقة الحرمين مشرفة
عدد المساهمات : 122 تاريخ التسجيل : 05/11/2010 النقاط : 51652
| موضوع: رد: العيد في بيت النبوة الثلاثاء يناير 11, 2011 5:12 pm | |
| | |
|